كلمة الرئيس التنفيذي
والعضو المنتدب

وأسهمت الخبرات والتجارب منذ إطلاق استراتيجية البنك في تكوين رؤية أوضح وتعزيز الأولويات الاستراتيجية لفريق الإدارة العليا في عام 2024م، إذ ركز الفريق في المراحل الأولى من الاستراتيجية على القيام باستثمارات نوعية لتعزيز قدرة البنك على التعامل بمرونة مع المستجدات الاقتصادية على المدى المتوسط وزيادة الإيرادات.

واليوم في عام 2024م، وتماشياً مع هذه الأسس الراسخة، انصب اهتمام البنك على مواصلة تنفيذ استراتيجيته بفاعلية، بالتوازي مع دعم ثقافة الابتكار التي تؤهل البنك لتحقيق إنجازات ملموسة على المدى الطويل.إنني فخور للغاية بالأداء الذي حققناه هذا العام، والذي لم يكن ليتحقق لولا العمل الجاد والانضباط خلال الأعوام القليلة الماضية، وأؤكد أن نهج الابتكار الذي يتبناه البنك اليوم هو الضمانة المثلى لازدهاره في المستقبل.

الاقتصادي الكلي

تميز الاقتصاد السعودي بأداء مرن ومستقر خلال عام 2024م، مكّنه من تجاوز التحديات الجيوسياسية الإقليمية والتقلبات المستمرة في توقعات أسعار الفائدة العالمية دون تأثير يُذكر. وعززت المملكة مكانتها كوجهة جاذبة للاستثمار بتسجيل نمو بنسبة 4% في القطاع غير النفطي في عام 2024م، والذي ساهم بأكثر من نصف الناتج الاقتصادي للمملكة. ويعد هذا النمو مؤشراً مهماً على نجاح جهود التنويع الاقتصادي، وتراجع اعتماد الاقتصاد الوطني على عائدات النفط.

كما واصلت المملكة تعزيز جاذبيتها الاستثمارية بفضل توقعات الطلب القوي المتوقع على الائتمان في ضوء الحجم الهائل لمشاريع البنية التحتية قيد التنفيذ في المملكة. وشهد عام 2024م نمواً بنسبة 14% في الطلب على الائتمان على مستوى جميع القطاعات، بالتوازي مع نمو قوي في طلب الشركات على الائتمان الذي بلغ 18% في نهاية عام 2024م. وبالرغم من أننا خطونا خطوات كبيرة نحو تنويع أعمالنا، لكن لا يزال قطاع الشركات يمثل حوالي 75% من محفظتنا، مما يعزز تفاؤلنا بآفاق النمو في عام 2025م.

الحفاظ على مكانتنا الريادية

بالنظر إلى ما حققناه من نمو وأداء مالي استثنائي في عام 2023م، كان من الطبيعي أن يمثل عام 2024م تحدياً يدفعنا نحو تحقيق أداء أفضل في حجم الإيرادات وتعزيز مكانتنا الريادية في السوق، ومع ذلك، نجحنا في الارتقاء إلى مستوى التحدي بتحقيق إنجازات استثنائية خلال عام 2024م، والتي رفعت من جديد سقف طموحاتنا.كما حققنا نمواً استثنائياً في قروض قطاعي الشركات والأفراد، بنسبة 20% لمحفظة قروض الشركات، و21% لمحفظة قروض الأفراد، ويعزى النمو في محفظة قروض الأفراد إلى النمو بنسبة 26% في محفظة التمويل العقاري.

وتوزع نمو قروض الشركات عبر مجموعة متنوعة من القطاعات، أبرزها الإنشاءات والطاقة والطيران والعقارات، مما يعكس مساهمتنا في دعم مستهدفات رؤية المملكة 2030. وبلغت قيمة محفظة قروض الشركات 199 % مليار بحلول نهاية عام 2024م، غير أنها تجاوزت مستوى الـ 200 % مليار في أواخر ديسمبر، ويسرني أن أؤكد أننا تجاوزنا هذا الرقم حالياً بشكل ملحوظ. من ناحية ثانية، بلغت قيمة محفظة التمويل العقاري 35.3 % مليار في نهاية العام، واللافت أن مبيعات التمويل العقاري حالياً تقدّر بنحو 9 أضعاف المستويات السابقة عند إعادة هيكلة هذا القطاع، مع تخصيص القدر نفسه من الموارد تقريباً، ويُعد هذا خير برهان على أن تركيزنا على الكفاءة قد أثمر عن نتائج ملموسة، وسيصبح ميزة تنافسية للبنك مع دخولنا عام 2025م.

في المقابل، حافظنا على ريادتنا في قطاع التمويل التجاري، وسجلنا نمواً بنسبة 27% في التزامات البنود خارج المركز المالي، والذي انعكس إيجاباً على حصتنا السوقية لتصل إلى 24% في المملكة. ويستند هذا الأداء اللافت إلى شراكتنا الاستراتيجية مع مجموعة “إتش إس بي سي”، التي تتيح لنا الاستفادة من تدفقات الأعمال عبر شبكة واسعة من الدول التي تتواجد فيها المجموعة. إضافة إلى ذلك، اتخذنا خطوات ملموسة لإعادة هيكلة منصتنا للتمويل التجاري من خلال الاستثمار في التحول الرقمي. وما زالت خدماتنا في مجال المدفوعات وإدارة السيولة والنقد تتصدر القطاع.

الابتكار محرك التحول نحو بنك المستقبل

وضعنا الحفاظ على المكانة الريادية للبنك وتعزيز أدائه المالي في صدارة أهدافنا للعام 2024م، وإننا على يقين من أن دعمنا للابتكار سيساعدنا على بلوغ هذه الأهداف. وفي إطار توجهنا نحو دعم الابتكار، عمدنا إلى تحويل فريقنا الرقمي إلى وحدة مستقلة باسم مصرفية الابتكار يتولى مهامها الرئيس التنفيذي لشؤون مصرفية الابتكار الذي يرفع تقاريره إليّ مباشرةً. ويمثل هذا التحول نقلة نوعية في استراتيجيتنا، إذ ننتقل من نهج الاستشارات الرقمية إلى منهجية البحث والتجربة التي تُفضي بدورها إلى تسويق الأفكار المبتكرة.

كما دشنّا مركز الابتكار التابع للبنك، والذي يمتد على مساحة طابق كامل في المقر الرئيسي. وبدأ هذا التحول في تحقيق نتائجه المأمولة، إذ شهدنا مشاركة واسعة من جانب الموظفين في البرامج التدريبية المخصصة التي تسهم في فتح آفاقاً جديدة للأفكار المبتكرة، والتي نعمل بدورنا على تحويلها إلى واقع ملموس لتحسين أرباح البنك. ويمثل مركز الابتكار مساحة حيوية ندعو إليها شركات التقنية المالية والشركاء، حيث نعمل معاً على تطوير حلول متقدمة وأدوات رقمية متطورة تعزز تجربة العملاء وتعمّق ولاءهم. وفي نهاية المطاف، يتمثل هدفنا من الابتكار المصرفي في تعزيز نمو الإيرادات ورفع كفاءة المصاريف.

نتطلع إلى أن نكون في صدارة المؤسسات التي تلبي احتياجات “الاقتصاد الجديد”، ونسعى إلى تحقيق ذلك من خلال تعزيز النمو الداخلي عبر إبرام الشراكات والاستثمار في المشاريع الجديدة والتقنيات المبتكرة.

ونركز في قطاع التقنية المالية على الاستثمار في مجالات رئيسية تشمل المصرفية المفتوحة والممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة والأصول الافتراضية والتمويل المدمج. وتتجاوز رحلتنا حدود السوق المحلية، حيث نتعاون على المستوى الدولي لاستقطاب أحدث الحلول المالية المستقبلية إلى السوق السعودي.

خلال عام 2024م، قمنا بتأسيس صندوق “اكس - تك” تحت مظلة شركة “الأول للاستثمار” المملوكة للبنك لتقديم دعم إضافي للشركات الناشئة سريعة النمو في المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط الأوسع.

نحقق أهدافنا المالية ونضمن تحقيق إيرادات مستقبلية

كما ذكرت سابقاً، كان عام 2023م عاماً حافلاً بالإنجازات من حيث تحقيق أهدافنا المالية، مما جعل عام 2024م يمثل تحدياً استثنائياً بكل المقاييس. نجحنا في تسجيل نمو بنسبة 15% في صافي الدخل، ليصل إلى 8.1 % مليار، وهو إنجاز قياسي آخر يُضاف إلى سجل البنك السعودي الأول ويبعث على الفخر لدينا جميعاً. ومن ناحية أخرى، تتخطى إيراداتنا ربع السنوية 3.5 % مليار، أي بزيادة تتجاوز 75% مقارنة بمستويات مرحلة إطلاق الاستراتيجية، عندما كانت إيراداتنا ربع السنوية 2.0 % مليار. ونجحنا في إرساء معيار جديد للبنك في مجال تحقيق الإيرادات بفضل الإجراءات الحكيمة التي اتخذناها على مدى العامين الماضيين للحد من تأثير تقلبات أسعار الفائدة، وجهودنا المستمرة لتعزيز مركزنا المالي.

وفي المجمل، استطعنا تحقيق ما أعلنا عنه من أهداف لعام 2024م، بل وتجاوزنا الغالبية العظمى من المؤشرات، ويسعدنا أن نرى عوائدنا تسجل نمواً بنسبة 16%، وهو ما يزيد على ضعف المستويات التي حققناها في بداية تطبيق استراتيجيتنا. ويُعزى هذا الإنجاز إلى عدة عوامل رئيسية، من بينها الإدارة الفعالة للمخاطر والالتزام بضبط المصاريف وتوظيف قدراتنا التمويلية بكفاءة لزيادة حصتنا السوقية في محافظ القروض. لقد تمكنا من تحقيق نمو قوي في جميع قطاعاتنا الرئيسية، إذ سجلنا نمواً بنسبة 21% في محفظة قروض الأفراد وبنسبة 20% في محفظة قروض الشركات كما أشرت سابقاً، مما مكننا من مواصلة تعزيز حصتنا في السوق.

رؤية طموحة نحو التغيير المستدام

نقف بكل فخر في طليعة البنوك التي تتبنى الخدمات المصرفية المستدامة، انطلاقاً من التزامنا العميق بتمكين شركائنا ومجتمعاتنا، وتنمية الابتكار والقدرات التي تتواكب مع رؤية المملكة الطموحة. وبينما تهدف مبادرة السعودية الخضراء إلى مواجهة تحديات التغير المناخي والحفاظ على الأراضي والتشجير وبناء مستقبل أكثر استدامة للجميع، فإننا نؤكد التزاماتنا بدعم هذه الأهداف من خلال مبادرات مثل زراعة مليون شجرة وتوفير تمويل مستدام بقيمة 34 % مليار، مما يؤكد دورنا المحوري كبنك في دعم هذه الجهود.

ولا يقتصر التزامنا على دعم المبادرات البيئية فحسب، بل يمتد ليشمل تهيئة بيئة عمل تدعم التنوع والشمولية كعنصرين أساسيين في استراتيجيتنا. ويتجسد التزامنا بمبادئ تمكين المرأة الصادرة عن الأمم المتحدة في برنامج ‘توازن’ الذي أطلقناه مؤخراً، والذي يهدف إلى تمكين المرأة في صفوف كوادرنا البشرية، ويقدم البرنامج دعماً متخصصاً وبرامج إرشادية وفرصاً للتطوير الذاتي والمهني، بهدف تمكين المرأة من الحصول على الأدوات والمساندة اللازمة لتحقيق التطور والنجاح في مسيرتها المهنية في البنك. كما ندرك أن دعمنا للتنوع يسهم بدور أساسي في تعزيز ثقافتنا التنظيمية وتحفيز الابتكار، وهما عنصران أساسيان للتعامل بكفاءة مع تعقيدات المشهد المالي المعاصر.

يتمتع القطاع المالي بفرصة استثنائية لقيادة التحول العالمي نحو اقتصاد منخفض الكربون، وإدراكاً منا لحجم هذه الفرصة، فإننا نؤكد التزامنا بأن نكون نموذجاً رائداً في هذا التحول، إذ يحتل إزالة الكربون مكانة الصدارة في سلم أولوياتنا، ونلتزم بتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية في عملياتنا التشغيلية بحلول عام 2035م، والوصول إلى صافي انبعاثات كربونية صفرية من تمويل الانبعاثات بحلول عام 2060م أو قبل ذلك.

خاتمة

رفع عام 2024م سقف الطموحات مجدداً للبنك السعودي الأول، حيث نجحنا في تجاوز عام مليء بالتغيرات مع الحفاظ على مكانتنا الريادية وتعزيز العوائد المالية. واصلنا دفع عجلة الابتكار، ووضعنا معايير جديدة للقطاع، وقدمنا حلولاً تمويلية وخدمات مصرفية تلبي احتياجات عملائنا الدائمين والجدد على حد سواء. ولم يكن تحقيق هذه الإنجازات ممكناً لولا تفاني فريق عملنا وكفاءة الإدارة العليا ودعم مجلس الإدارة. وبينما نمضي قدماً، سيظل الاستثمار في موظفينا، الذين يُعدّون أثمن أصولنا، في صميم أولوياتنا، وقد أسعدنا أن نشهد خلال عام 2024م ارتفاعاً ملحوظاً في مستوى رضا الموظفين.

ونود أن نعرب عن شكرنا وتقديرنا العميق للبنك المركزي السعودي وهيئة السوق المالية والهيئات الحكومية والوزارات المعنية، الذين يواصلون تقديم كل ما يلزم من دعم للنهوض بالقطاع المصرفي.

أود التأكيد مجدداً أن البنك السعودي الأول يتمتع بميزة تنافسية فريدة، فنحن البنك الدولي الرائد في المملكة. ويوفر ارتباطنا بمجموعة “إتش إس بي سي” لعملائنا إمكانية الوصول إلى شبكة مصرفية دولية واسعة، مما يعزز من قدرتنا على تقديم خدمات مصرفية متكاملة للشركات الدولية التي تتوسع في المملكة. ومع استمرار المملكة في تنفيذ خطط التحول، فإننا نتمتع بوضع مثالي للاستفادة من التدفقات المالية الدولية واغتنام الفرص التي يحملها المستقبل.