يمثل العام 2022 أول عام كامل بعد تسلمي مهام منصب العضو المنتدب وهو فرصة للتفكير في أدائنا منذ أن أطلقنا استراتيجيتنا في العام 2021. وقد تمثلت مهمتي بشكل صريح فيما يلي: تحقيق النمو للبنك وتمكينه من استعادة مواقع قوته، مع ضمان استمرار تلبية متطلبات عملائنا على المدى البعيد. لقد وضعنا لأنفسنا مجموعة من الأهداف للعام 2025، ومن دواعي سرورنا حقًّا أن نشهد مجموعة من الإنجازات القوية التي تُشير إلى التقدم الذي أحرزناه خلال الأشهر الثمانية عشر الأولى منذ إطلاقنا لاستراتيجيتنا، مما أدى في النهاية إلى تحقيق عوائد أعلى.
استمرت التحديات خلال العام 2022 على المستوى العالمي، وذلك في ظل وضع الاقتصاد العالمي الراهن. وعلى الرغم من ذلك، فقد حقق الاقتصاد المحلي أداءً جيدًا؛ حيث ارتفعت أسعار النفط خلال العام 2022 ورُفعت معدلات الفائدة المرجعية، ما أدى إلى زيادة أسعار مؤشر السايبور، الأمر الذي استفاد منه “الأول” نظرًا لحساسية محفظة القروض لدينا، والتي تركز على الشركات إلى حد كبير، تجاه التغير في أسعار الفائدة. كما استمرت مسيرة التحول الاقتصادي للمملكة بوتيرة متسارعة على الرغم من الأوضاع العالمية، وأصبح اقتصادها أقوى من عامي 2020 و2021، وهي الفترة الزمنية العصيبة التي مرت بها المملكة بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19 العالمية.
وبالنظر إلى ما شهده العام الماضي من تقلبات وظروف وما رافقها من فرص، فإن موضوعنا المُتمثل في “الإسراع في تنفيذ استثماراتنا والوفاء بوعودنا” هو ملخص مناسب للعام 2022، ولكن كما هو الحال دائمًا، فإن هناك المزيد من الجهود التي يتعين القيام بها.

الاستثمارات الاستراتيجية في تطوير أعمالنا

أعلنا عن سلسلة من الأهداف الاستراتيجية للعام 2025 والتي تركز على استعادة حصتنا في السوق وتحقيق مجموعة من الأهداف المالية – وبالعمل معًا، سوف تثبت هذه الأهداف بوضوح على التزامنا بخلق وتقديم قيمة متزايدة لمساهمينا وأصحاب المصلحة لدينا. ولتحقيق ذلك، قمنا بالإعلان عن برنامج استثماري بقيمة 1.5 مليار ريال سعودي في التحول الرقمي، وتعزيز منتجاتنا في مجالات النمو المركزة وتطوير مهارات موظفينا.

كان أحد مجالات التركيز الأولية هو الاستثمار في القروض العقارية وتطوير مجموعة من المنتجات التي من شأنها أن تجعل خدماتنا أكثر ملاءمة وتنافسية. وقد أكملنا هذه المرحلة في بداية العام 2022، وقمنا خلال العام بزيادة حصتنا في السوق من القروض العقارية إلى ثلاثة أضعاف ما حققناه في العام 2020. ولم تقتصر استثماراتنا الرقمية على القروض العقارية فحسب، بل كان التحول الرقمي موضوعًا رئيسيًا على مستوى قطاع الأفراد هذا العام؛ حيث أدى تطوير المزيد من الرحلات الرقمية والخدمات مثل الأول 360 والأول بوت وتطبيق الأول موبايل الرائد إلى زيادة نسبة استخدام القنوات المصرفية الرقمية إلى 85% وزيادة عدد العملاء النشطين من مستخدمي تطبيق الهواتف الذكية إلى 91%.

وكانت أنشطة إدارة الثروات أيضًا من المحاور الاستراتيجية لدينا، حيث قمنا في نهاية العام بإطلاق خدمة التحويل الفوري للحسابات الدولية التي تتيح للعملاء الأفراد ممن لديهم حسابات في بنك إتش إس بي سي عالميًا التحويل بين هذه الحسابات بسهولة ويسر. كما كان هذا إنجازًا مهمًا نظرًا للاستثمار الرقمي وكذلك التعاون مع بنك إتش إس بي سي، ومنحنا ميزة فريدة في مجال إدارة الثروات والتي لا تتوفر لأي بنك سعودي آخر.

وخلال العام، قمنا بنقل أعمال الوساطة المالية للأفراد، وإدارة الأصول، والإقراض بالهامش، من شريكنا إتش إس بي سي العربية السعودية (التي نمتلك فيها حصة 49%) إلى شركة تابعة مملوكة لنا بالكامل وهي “الأول للاستثمار”، وقد انتهينا من إجراءات نقل الأعمال في نهاية العام 2022. وسوف تتيح لنا السيطرة الكاملة على هذه الأنشطة تطوير خدمات إدارة الثروات لتصبح أكثر شمولًا لعملائنا من أصحاب الثروات الأعلى، وهو قطاع خدمة العملاء الذي سنولي تركيزنا الاستراتيجي عليه خلال العام 2023.

وعلى صعيد الخدمات المصرفية للشركات، تم التركيز بشكل كبير على أعمالنا في قطاع المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، نظرًا لأهمية القطاع في رؤية المملكة 2030. فقد قمنا بتطوير تطبيق مصرفي مخصص لهذه الخدمة باسم “الأول كورب”، والذي تم إطلاقه بنجاح خلال العام 2022 والذي بلغ عدد مرات تنزيله خلال الأشهر الستة الأولى نحو 16 الف مرة. وسيتيح هذا التطبيق للمستخدمين بتفويض وإجراء مجموعة من المعاملات باستخدام نظام سريع للدفع الفوري على مدار 24 ساعة، بما في ذلك مجموعة واسعة من المدفوعات، والسماح بدفع الرواتب، وإنشاء كلمات مرور، وعرض كشوف الحساب في الوقت الفعلي والوصول إليها.

كما نجحنا أيضًا في دمج منصة “منشآت” مع نظام إدارة علاقات العملاء الخاص بنا، بما يتيح سهولة الوصول إلى التمويل والمعاملات الأكثر كفاءة لعملائنا من المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.

واستمر دعمنا المعتاد للمشاريع التحويلية الكبيرة أو الضخمة في المملكة، مع التركيز على قطاعات النمو الرئيسية بما في ذلك السياحة، والترفيه، والضيافة، والعقارات، والصحة، والتعليم. ونحن فخورون بالعمل في عدد من المشاريع الرئيسية المتعلقة بمشروع نيوم العملاق.

كما واصلنا الاستثمار في أعمال الخزينة لدينا، بما في ذلك الإطلاق التجريبي لمنصة العملات الأجنبية الرقمية الخاصة بنا، والتي تُمكن عملاءنا من الحصول على أسعار صرف العملات الأجنبية الأكثر تنافسية بطريقة أسرع وأكثر سهولة.

الوفاء بالوعود التي قطعناها على أنفسنا

لقد عززت الأمثلة التي سبق أن أشرنا إليها في جعلنا أكثر ملاءمة وتنافسية، ولكننا نتوقع أن تؤتي القيمة الحقيقية لهذه الاستثمارات ثمارها على المدى المتوسط. ومع ذلك، فإنه من المُرضي لنا أن نشهد نجاحًا في مجموعة من المقاييس خلال العام 2022.

وبالعودة إلى التصريحات التي قدمتها فيما سبق بشأن استعادة حصتنا في السوق وتحقيق الأهداف التي حددناها لأنفسنا في ضوء استراتيجية 2025، فقد حققنا تقدمًا ملموسًا، والذي يمثل العام الثاني على التوالي من النمو المرتفع للقروض. ولا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به، ولكن بعد إبطاء وتيرة خسائر الحصة السوقية وتسريع الاستثمار خلال العام 2022، فإننا نعتقد بقوة أن حصتنا في السوق هي الآن في نقطة تحول.

وعلى الصعيد المالي، فقد حققنا خلال العام 2022 نموًا في إجمالي دخل العمليات بنسبة 26%، وانخفاضًا في نسبة المصاريف إلى الدخل بنسبة 6.9%، وتوسعًا في العائد على حقوق الملكية الملموسة بنسبة 3.7%، مع الحفاظ على مركز رأسمالي قوي عند نسبة حقوق الملكية الأساسية – الشريحة الأولى قدرها 17.7%. ونظرًا لحساسية محافظنا الاستثمارية تجاه الحركة في مؤشر أسعار السايبور، وحيث أننا أنهينا العام بصافي هامش عمولات خاصة، أو صافي هامش فائدة، فإننا نتوقع مزيدًا من التوسع في العوائد خلال العام 2023، مدعومًا بمجموعة الاستثمارات الاستراتيجية التي سبق أن أشرنا إليها. لذا، فهو من دواعي سرورنا أن نُبرهن مجددًا على التزامنا وقدرتنا على الوفاء بالوعود التي قطعناها على أنفسنا.

الريادة في مجال الاستدامة

كان من دواعي سروري الإعلان عن استراتيجيتنا الخاصة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية في شهر سبتمبر الماضي، والتي قضينا فترة طويلة من العام 2022 في التخطيط لها وسيأتي ذكرها بمزيد من التفصيل في سياق هذا التقرير. إن فرصة التحول الموجودة في المملكة لا مثيل لها، وسيلعب القطاع المصرفي دورًا محوريًا في الدولة من خلال مساعدة العملاء على الانتقال إلى أنماط تشغيلية أكثر استدامة.

لقد سبق لي العمل كرئيس لمجموعة عمل التمويل الأخضر نيابة عن هيئة النقد السنغافورية، وآمل أن أنقل خبراتي في هذا المجال للقطاع المصرفي في المملكة العربية السعودية، حيث نعتقد أنه يمكننا تولي الريادة في هذا الموضوع. وخلال العام 2022، قمنا بوضع إطار الحوكمة الداخلية وتعيين العديد من الموظفين بدوام كامل لدفع استراتيجية “الأول” إلى الأمام. وكانت إحدى الأولويات الأولى هي نشر المعرفة والتوعية داخل البنك، لذلك قمنا بتطوير برنامج تدريبي تم إنشاؤه بالاشتراك مع جامعة دولية رائدة وتم تقديمه بالفعل لأكثر من 70% من موظفينا. كما بدأنا في تضمين المزيد من العوامل المرتبطة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية في اتخاذ قرارات الإقراض لدينا، ما يمكننا من الحصول على مزيد من المعلومات التي ستسمح لنا بدورها بدعم رحلات التحول الصديقة للبيئة الخاصة بعملائنا. لقد بدأنا وسنواصل توسيع مجموعة منتجاتنا لتشمل منتجات تمويلية أكثر استدامة، وجاء حصولنا على جائزة “أفضل بنك للتمويل المستدام في المملكة العربية السعودية” من مجلة “جلوبال فاينانس” شاهدًا على التقدم الذي أحرزناه خلال العام 2022.

أخيرًا، تتضمن استراتيجيتنا الخاصة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية مجموعة من الالتزامات، والتي تم تلخيصها لاحقًا في سياق هذا التقرير. من بينها تحقيق صافي انبعاثات صفرية في عملياتنا بحلول العام 2035، وتوسيع نطاق منتجاتنا واستثماراتنا التمويلية المستدامة إلى 34 مليار ريال سعودي بحلول العام 2025، وزراعة مليون شجرة، كجزء من مبادرة السعودية الخضراء. ويُعد إعلان التزاماتنا بشأن المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية أمرًا في غاية الأهمية ويضع “الأول” موضع مساءلة في هذا الشأن مستقبلًا.

الوفاء بوعودنا…
بالتسريع في استثماراتنا…

في الختام، لقد أحرزنا تقدمًا كبيرًا في أجندة النمو على المدى المتوسط خلال العام 2022 من خلال الاستثمار الاستراتيجي الذي لا يخلو من النظام والضوابط. وعلى الرغم من كوننا في مرحلة تحويلية في دورتنا الاستراتيجية الحالية، فقد حققنا أيضًا نتائج مالية قوية، بعضها أفضل مما توقعناه لهذه المرحلة عندما أطلقنا خطتنا. وقد تُرجم هذا أيضًا إلى نظرة أكثر تفاؤلًا لدى مجتمع المستثمرين لدينا، حيث بلغت القيمة السوقية للبنك بنهاية العام 2022 نحو 80 مليار ريال سعودي، بزيادة نسبتها 18% خلال العام.

وقد نجحنا في تحقيق كل هذه الإنجازات في ظل بيئة تشغيلية مليئة بالتحديات، حيث لا تزال المنافسة محتدمة محليًا، ولا تزال حالة عدم اليقين والتقلب مستمرة في الاقتصادات العالمية والأسواق المالية.

إن النجاحات التي تحققت هذا العام لم تكن لتتحقق إلا بالعمل الجاد الهائل وتفاني موظفينا وزملائي في الإدارة العليا وأعضاء مجلس الإدارة. كما أعرب عن امتناني للبنك المركزي السعودي وهيئة السوق المالية والهيئات الحكومية والوزارات المختلفة، الذين أظهروا دعمًا قويًا للقطاع المصرفي. أخيرًا، أود أن أتوجه بالشكر لعملائنا على ثقتهم بعلامتنا المصرفية الرائدة.

قمنا بالإعلان عن برنامج استثماري بقيمة 1.5 مليار ريال سعودي في التحول الرقمي، وتعزيز منتجاتنا في مجالات النمو المركزة وتطوير مهارات موظفينا.